في سياق الذكرى السادسة والعشرين لتربع الملك محمد السادس على عرش المملكة، تتواصل ثمار الرؤية الاستراتيجية التي أطلقها منذ اعتلائه العرش، خاصة في مجال الطاقات المتجددة، حيث يرسّخ المغرب موقعه كقوة إقليمية صاعدة في هذا المجال على المستوى الإفريقي.
ووفق تقرير حديث، أصدرته منظمة SolarPower Europe بشراكة مع المجلس العالمي للطاقة الشمسية، وقطب الطاقات المتجددة المغربي، والجمعية المغربية للطاقات المتجددة، يبرز المغرب كنموذج متقدم في التحول الطاقي، مستندًا إلى سياسة إرادية يقودها الملك محمد السادس، بهدف تحقيق سيادة طاقية وتنمية مستدامة.
أهداف طموحة
ويطمح المغرب، حسب التقرير، إلى بلوغ 52% من حصة الطاقات المتجددة ضمن المزيج الكهربائي الوطني بحلول عام 2030، موزعة على 20% من الطاقة الشمسية، 20% من طاقة الرياح، و12% من الطاقة الكهرومائية.
أما في أفق سنة 2050، فيتوقع أن تبلغ هذه النسبة 80%، مما يضع المملكة في صلب الانتقال الطاقي على صعيد القارة الإفريقية.
ويُبرز التقرير الإمكانيات الهائلة للطاقة الشمسية الفوتوفولطية في المغرب، بفضل إشعاع شمسي استثنائي وتوفر مساحات شاسعة.
وتعد محطة "نور ورزازات"، التي تم تشغيلها عام 2016 بقدرة إنتاجية تبلغ 160 ميغاواط، تجسيدًا عمليًا لهذا التوجه، حيث تمثل بداية سلسلة من المشاريع الكبرى في هذا المجال.
بيئة استثمارية مشجعة
ويعزز المغرب جاذبيته الاستثمارية في الطاقات المتجددة من خلال تشجيع المستثمرين الخواص، حيث تقدم الحكومة المغربية دعمًا استثماريًا يصل إلى 5% من قيمة المشروع، شريطة أن يتجاوز حجم الاستثمار 50 مليون درهم ويوفر ما لا يقل عن 50 منصب شغل مباشر.
ويتماشى هذا التوجه مع الاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية المعتمدة منذ 2013 والمُحدَّثة في 2020، والتي تهدف إلى خفض استهلاك الطاقة بنسبة 20% بحلول عام 2030، خصوصًا في قطاعات النقل، الصناعة، البناء، الفلاحة والإنارة العمومية.
وفي هذا السياق، يبرز قطاع "الهيدروجين الأخضر" بقوة، حيث أعلن رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، في مارس الماضي، عن اختيار 5 مستثمرين وطنيين ودوليين لإنجاز 6 مشاريع كبيرة في مجال الهيدروجين الأخضر بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
وستساهم هذه المشاريع في إنتاج الأمونياك والوقود الاصطناعي والفولاذ الأخضر، حيث تصل الكلفة المالية الإجمالية للمشاريع إلى 319 مليار درهم.
وتشمل هذه الشركات كل من شركة “أكوا باور” السعودية، بالإضافة إلى شركتين من الصين هما “UEG” و”تشاينا ثري غورجيز”، حيث ستستثمر هذه الشركات في إنتاج الأمونياك.
كما أنه من بين الشركات المنتقاة، هناك شركة “ناريفا” المغربية التي ستتولى مشاريع إنتاج الأمونياك والوقود الاصطناعي والفولاذ الأخضر.
التزام ملكي مستمر نحو المستقبل
بفضل الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس، يتقدم المغرب بثبات نحو تحقيق انتقال طاقي متكامل، يجمع بين الأبعاد البيئية، الاجتماعية والاقتصادية، ويرتقي إلى مصاف الدول الرائدة في استغلال الطاقة النظيفة.
ويُشكّل هذا المسار فرصة واعدة للمستثمرين الباحثين عن بيئة مستقرة ومشاريع مستدامة ذات مردودية عالية.
وفي ظل التحديات المناخية العالمية وتقلّبات الأسواق الطاقية، يواصل المغرب، بقيادة الملك، تعزيز موقعه كمنصة إقليمية للطاقة المتجددة، ولا سيما في الطاقة الشمسية، مجددًا التزامه بسيادة طاقية خضراء تُؤسس لمستقبل منخفض الكربون وأكثر إنصافًا للأجيال القادمة.
